السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حماية الطفل من الإساءة والعنف.. متى نبدؤه..؟
عذرا عن عبارة الإساءة والعنف.. فعلى الرغم من أنني لا أحبها إلا انه لابد من استخدامها في لغة "موضة هذه الأيام". فقد تعودنا في السنوات التي مضت أن نسمع كل مدة عن موضة نتحدث عنها! وخلال هذه الفترة الشائع لدينا موضوع العنف وحماية الطفل. فلا يمر شهر واحد إلا ونسمع بتدريب هنا وورشة هناك.. جمعية.. هيئة حكومية أو دولية.. أو وزارة.. تمشي فترى اللافتات الإعلانية / لا للعنف.. الضرب ومساؤه.. ومثلها الكثير/.
إنجاز يحسب لنا في خطوات حماية الطفل.. لكن.. هل تعتقدون ان حماية الطفل وبرامج الحماية تخص الأطفال في المدرسة أو الروضة فحسب؟
من المسؤول؟.. أسرة.. أفراد.. معلمون.. ثقافة..؟
ما يجعلني اليوم أكتب حول العنف حدث قلما ننتبه له.. ولكن أن ترى ردة فعل طفل بحركة لن يستطيع احد أن يتجاهلها.. أجل طفل في الثالثة من عمره يضع يديه بعصبية على رأسه ويقول (يسلمو ايديك)! عبارة ألح عليها الكبار من حوله، وحرموه من مأكولاته التي يرغب بها، لمجرد انه رفض قولها!
أحسست حينها أننا نسئ لأطفالنا بحجة التربية والتعليم والتوجيه, متوجهين إليه بأوامر ودروس ربما يفهمها بطريقة أخرى تتواءم وشخصيته وطبعه. كل هذا لأننا لم نفكر ولو لدقائق انه شخصية مستقلة لها مشاعرها وطبعها وتركيبتها التي خلق بها..
من أعطانا هذا الحق؟.. إننا الكبار الفاهمون لكل شيء وأصحاب السلطة والنفوذ ومن له حق إصدار التعليمات, ونسينا أن دورنا الأول هو مساعدته لتكوين شخصية متوازنة لا شخصية مهزوزة لاحول لها إلا التقلبات والصراعات المكبوتة.. بنظري هذه إساءة.
الإساءة "تبدأ" منذ اتخاذ قرار بين اثنين على الزواج وإنجاب الشريك الثالث لهما.. الزواج وتكوين الأسرة مسؤولية لابد من التفكير بها بهدوء وروية. لأنها مسؤولية تتعلق مباشرة بتكوين شخصيات الجيل التالي. لذا نرى أن الحماية تبدأ من حماية الطفل من الأمراض الوراثية.. إلى أن نقول"لا للعنف والضرب".. مرورا ببيئة مهيأة لوجود طفل في الأسرة، بيئة تحكم في تصرفاتنا وسلوكنا أمام الأطفال.
كيف نبدأ بالحماية؟
نبدأ بتقرير طبي صادق لكل من الزوجين قبل قراراهما الزواج
توقيت مناسب لظروف الأسرة باتخاذ قرار الإنجاب..
رعاية ألام وجنينها لما له من أهمية في هذه المرحلة..
محيط اجتماعي مناسب خاصة بالعلاقة بين الأبوين..
حساب لكل أنواع السلوك الذي نقوم به في الأسرة أمام أطفالنا لأننا بذلك لا نحتاج أن نسلك سلوك التلقين والأوامر وإنما التوجيه عن طريق التواصل المناسب والإصغاء لأطفالنا مع الأخذ بعين الاعتبار أن طفلنا مخلوق له طبعه الجيني أولا وشخصيته المستقلة..
الحماية إذاً ليست منعا من الضرب والأذى فحسب، بل هي أيضاً سلوك وتحكم وثقافة لابد من تعديلها لأنها في الحقيقة هي أول واهم درجات الحماية.
الحماية.. هي حرية مشاعر أطفالنا ليعبروا عن آراءهم ومشاعرهم ليسألوا ويجدوا إجاباتهم عندنا أو ببرنامج إعلامي مناسب أو بمدرسة قادرة على أن تتعرف على قدرات الأطفال ومراحل نموهم لتلبي احتياجاتهم، لأنني أعتقد أن ذلك التصرف هو من اولويات المحافظة والحماية لأطفالنا, فبهذا ربما نساهم بتكوين شخصية قادرة للتعبير وقادرة على حماية نفسها..
أن ما طرحته من وجهات نظر حول الحماية لا يعني أن "موضة اليوم" هي طريقة سلبية ولكن لابد من أن تكون متكاملة تأخذ بعين الاعتبار جميع أوجه الحماية، وتتوجه إلى مجتمع كامل ممثلة بثقافاته, فهي برأيي مسؤولية أفراد وأسرة وجهات حكومية وأهلية وإعلام موجه يحترم أولا الطفل ابتداء من برامجه الخاصة نهاية إلى أية رسالة يوجهها للمجتمع يخص الطفولة..
لعلنا بهذه الآراء ووجهات النظر نصل وإياكم دائما إلى ما يجعل من عالم طفولتنا عالما مميزا لأنه دعامة تنميته غدا..
(منقول)